عندما دُعِيتُ لحضورِ محاضرةٍ بجامعةِ بون بألمانيا لإعلاميٍّ ألمانيٍّ شهيرٍ، وقف هذا المحاضرُ وفتحَ حاسوبَهُ الشخصيَّ فبدت خريطةُ العالمِ على الشاشةِ الكبيرةِ، وقال: انظروا إلى هذه الخارطةِ، واكتشفوا أنَّ بؤرَ الصراعِ بالعالمِ فى السنواتِ الأخيرةِ أطرافُها مسلمون، وراح يُدلِّلُ على رأيِهِ، حربُ إيرانَ/العراقِ؛ أحداثُ 11 سبتمبر؛ ما يحدثُ فى عواصمِ أوروبا والغربِ عامةً؛ حروبُ القاعدةِ؛ حروبُ داعشَ، حروبُ أبناءِ وأحفادِ القاعدةِ؛ الحروبُ الأهليةُ فى ليبيا واليمنِ والعراقِ وسوريا ومالى ونيجيريا أحدُ أطرافِها مسلمون أو بينَ مسلمين، وراحَ يُدلِّلُ بأمثلةٍ من هنا وهناك؛ ونسيَ هذا الإعلاميُّ أنَّ هؤلاءِ مُسْتَدِينون وليسوا مُتَدَيِّنين؛ لأنَّ جوهرَ الأديانِ قائمٌ على المحبةِ والسلامِ، وقد دار حوارٌ عنيفٌ عقبَ إلقائِهِ محاضرتَهُ، وقلتُ: إنَّ الأديانَ براءٌ من هذه الاتهاماتِ التى ألصقَها بها المتشدِّدون عن جهلٍ، واستشهدتُ بحروبِ الكاثوليكِ والبروتستانتِ وحروبِ رواندا وحروبِ السيخِ والهندوسِ مع المسلمينَ والحروبِ الصليبيةِ وحروبِ أسامة بن لادن، وما حدثَ فى سيناءَ؛ وحربِ روسيا وأوكرانيا وحروبِ كوريا الشماليةِ مع الجنوبيةِ والحروبِ الاقتصاديةِ بينَ أمريكا والصينِ فهذه حروبٌ بينَ غيرِ المسلمينَ أو اعتداءٌ على المسلمينَ من الأغيارِ كما يحدثُ الآنَ فى غزةَ؛ كما أنَّ التعصبَ الدينيَّ أو القوميَّ أو الحزبيَّ يقودُ إلى العَمَاءِ، وهنا يفقدُ المرءُ إنسانيتَهُ. هناك مُفتونٌ بجميعِ الأديانِ السماويةِ والوضعيةِ يُفتون فتاوى خارجةً عن جوهرِ التسامحِ والمحبةِ، هؤلاءِ يجبُ أن نُخَلِّصَ الأديانَ من قبضتِهِم العمياءِ ومن أحقادِهِم الدفينةِ وهم فى حاجةٍ إلى أطباءِ نفسانيينَ يُعالجونَهُم حتى لا ينشروا من أفواهِهِم الدمَ والقتلَ وكرهَ الإنسانيةِ، إنَّهُم يحيونَ على التشددِ والدمارِ والقتلِ، ولا يوجدُ دينٌ سماويٌّ يحثُّ على العدوانِ والظلمِ وتشريدِ الأبرياءِ وتجويعِ الناسِ وهدمِ بيوتِهِم فوقَ رؤوسِهِم باسمِ الدينِ ولذا فإننى أكررُ نداءاتى بمراجعةِ الفتاوى الصادرةِ من المُفتينَ والمرجعياتِ الدينيةِ واللادينيةِ من قِبَلِ لجانٍ مشتركةٍ من عقلاءِ ذوى الأديانِ السماويةِ وغيرها لمراجعةِ هذه الفتاوى الشاذةِ ووضعِها فى إطارِها الصحيحِ فالمتاجرةُ بالأديانِ تجارةٌ رابحةٌ كما قال ابن رشدٍ لكنها تقتلُ الناسَ؛ غَرْبِلوا هذه الفتاوى وانقذوا البشرَ فاللهُ هو الرحمنُ الرحيمُ.
مختتم الكلام
أنا أحتاجُ للإنسانِ فى الإنسانِ.
الوفد المصرية